الحسين بن علي رضي الله عنهما
إنه
الحسين بن علي -رضي الله عنه-، الحفيد الثاني لرسول الله (، من ابنتهفاطمة
الزهراء -رضي الله عنها-، زوج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقدوُلد
الحسين -رضي الله عنه- يوم الخامس من شعبان سنة أربعة من الهجرة،وعند
ولادته أخذه النبي ( وحمله بين ذراعيه ولثم فاه بقبلة حانية طاهرة،وسماه
حسينًا، وقال: (حسين مني وأنا من حسين، أَحَبَ اللهُ من أحب حسينًا)
[الترمذي وأحمد].
وكان النبي ( يحب
الحسين حبًّا شديدًا، فنشأ الحسينفي حجر النبي ( حتى بلغ السابعة من عمره لا
يفارقه، ولا يبعد عنه، ويناديهيا أبت، وكان الحسين أشبه الناس برسول الله
(، ولذا أحبه الصحابة وعظمهالخلفاء منذ صغره.
وذات يوم دخل الحسين
-رضي الله عنه- المسجد، فقال جابر ابن عبد الله
-رضي الله عنه-: (من
أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا)، سمعته من رسول الله ( [أبو
يعلي].
وكان الحسين -رضي الله
عنه- عابدًا يكثر الصوم والصلاة والحج والصدقة،وكان يحسن المعاملة مع مواليه وخدمه، فيروى
أنه دخلت عليه جارية وبيدهاباقة من الريحان فحيته بها، فقال لها
الحسين: أنت حرَّة لوجه الله -تعالى-، فقيل له: جارية تحييك بطاقة (باقة)
ريحان فتعتقها؟فقال الحسين: هكذا
أدبنا الله، فقال تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} [النساء:
86]، وكان أحسن منها عتقها.
وأحب الحسين -رضي الله
عنه- العلم حتى صار بحرًا في علوم القرآن وحديثرسول الله ( والفقه، فكان يلقي دروسًا في
مسجد رسول الله (، وكان الصحابةوالتابعون يحرصون على حضور حلقته واستماع
العلم منه، وفي هذا يقول معاويةبن أبي سفيان -رضي الله عنه-: إذا دخلت مسجد
رسول الله ( فرأيت حلقة فيهاقوم كأن على رءوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد
الله الحسين.
وقد عُرف
-رضي الله عنه- بشجاعته
وجهاده العظيم في سبيل الله لنصْرة الدين، فاشتركفي فتح شمال إفريقية في خلافة عثمان بن عفان
-رضي الله عنه-، وساهم في فتحطبرستان، وساند الحسين أباه الإمام عليَّا
في حروبه بالجمل وصفين والخوارج.
ولما توفي الإمام على
وقف الحسين مع أخيه الحسن يناصره ويؤازره، فلماتنازل الحسن -رضي الله عنه- عن الخلافة
لمعاوية بن أبي سفيان؛ حقنًا لدماءالمسلمين، وجمعًا لكلمتهم، قال الحسين لأخيه
الحسن في أدب ووقار: أنت أكبروَلَدِ عليّ، وأمرنا لأمرك تبع، فافعل ما
بدا لك.
وعكف الحسين بعد ذلكعلى
طلب العلم والعبادة، حتى مات معاوية بعد أن أخذ البيعة لابنه يزيدمخالفًا
بذلك إحدى شروط الصلح، وهو أن يُترك الأمر من بعده شورى بينالمسلمين،
عندها لم يسكت الحسين، وبايعه كثير من المسلمين، وطلبوا منه أنيكون
خليفتهم، وأرسل إليه أهل الكوفة يبايعونه، ويحثونه على أن يأتيإليهم،
فخرج الحسين مع أهله وبعض مناصريه متوجهًا نحو الكوفة، وحاول ابنعباس
وأبو سعيد الخدري وابن عمر -رضي الله عنهم- منعه عن الخروج من مكةلكنه
-رضي الله عنه- عزم على الخروج.
وفي الطريق، قابل
الفرزدق الشاعرالمعروف فسأله: كيف تركت الناس في الكوفة؟ فأجابه
الفرزدق: تركتهم قلوبهممعك وسيوفهم عليك. فقال الحسين: لله الأمر
من قبل ومن بعد، ثم أكمل سيرهحتى وصل إلى مكان يسمى (كربلاء) على مقربة
من نهر الفرات؛ حيث دارتالمعركة، وراح ضحيتها الحسين شهيدًا مع كثير
مـن أهله وصحبه، وكان ذلك سنة (61 هـ).
وقد حفظ الله نسل النبي
( في الحسن والحسين، فكل من ينتسب إلى النبي ( يرجع نسبه إلى الحسن أو الحسين -رضي
الله عنهما
.